كتابةُ الظِلِّ
/
/
يتجلَّى إتقان الحضور والغياب معًا في تجربة كتابة الظل Shadow Writer أو الكاتب الشبح Ghost Writer، كما تكمنُ براعة التخفف من الأنا؛ لمنحِ النص حياة مستقلة، ويظهر الإبداع دون توقيع، والحضور في التفاصيل دون إفصاح وتصريح.
تُقاس نجاح تجربة كتابة الظل من خلال القُدرة على حياكة نسيج لُغوي فاخر، أصلُ مادتهِ من صُنعِ صاحب التجربة/ الفكرة الأصلية وصولًا إلى الغاية المنشودة حيث الجمع بين الفكرة المتينة، واللغة القشيبة، في توازن! كما يكمنُ نجاح الكاتب في قدرته على استصحاب المعاني التي يحملها صاحب التجربة/ الفكرة الأصلية وإشاعتها في تفاصيل النص -ما أمكن- مُستخدمًا قاموسه ولَزماتهُ وتفاصيل بصمتهُ اللُغوية؛ ليظلَّ النص كما لو كُتِبَ بقلم صاحبه دون تسلل شعورٍ إلى القارئ بوجود وسيط بينهما! وبذلك يُتوِّجُ كاتب الظل بإنجازه المتمثل في تدبيجِ نصٍ يحمل السمات التي كان صاحب التجربة/ الفكرة الأصلية يطمح إلى التعبير عنها.
تتنوع دوافع كتابة الظل، فتنبع تارة من رغبة في إحياء أصوات من قد لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم، أو ليكون التوقيع بعيدًا عن الأنا! كما يحضر دافع الولاء أو الوفاء لشخصٍ أو لفكرةٍ إلى تجسيدها من خلال كتابة الظل، كما يحضر دافع الاطلاع على الأسرار والزوايا المظلمة حيث يُمنح كاتب الظل مساحة للدخول إلى عوالم ودوائر مغلقة ذات تفاصيل لا يمكن الولوج إليها إلا من خلال أبواب قليلة، وكتابة الظل أحدها! كما يحضر دافع التأثير حيث يجد الكاتب نفسه في مكان يسمح له برواية الأحداث وفق أجندته وتوجيه الأفكار بمهارة، أما المُقابل المالي فهو أيصًا عنصر فاعل حيث تفتح تجربة كتابة الظل أبوابًا من العوائد المالية ربما تجاوزت ما يمكن أن يحصل عليه صاحب التجربة/ الفكرة الأصلي، سيّما إذا كانت عين تركيزه -من خلال هذا المُنتج- على العائد المعنويّ.
ورغم أن فكرة كتابة الظل ليست جديدة على الحالة العربية -على مستوى الممارسة- إلا أن هجرة المصطلح والفكرة إلى الشرق يحمل بذور تطور في تطبيقاتها.
تتجاوز تجربة كتابة الظل التنازل عن الاسم إلى ممارسة عميقة للتجرد حيث يُصبح الكاتب وسيطًا بين الفكرة والقارئ، وشاهدٌ أنَّ الإبداع قد يتجسد -أحيانًا- في الغياب أكثر من الحضور