الكتابة للصورة، وتوسيع الأفق البصري

وقت القراءة: 2 دقائق

/

/

تتطلب الكتابة للصورة وعيًا بأن الصورة ليست حبس لحظةٍ فحسب، بل وجود حي يمكن أن يكون بداية لتجربة فكرية بصرية، إنها الإطار الذي يحمل الرسالة ليوسِّعها ويغذيها بأبعاد إضافية، من هنا تأتي الكتابة للصورة كإتمامٍ لما بدأتهُ العدسة حيث تعد الأساس ومنها الاستمداد، وفي ذات اللحظة فإن النصَّ لا يفرضُ على الصورة ما ليس فيها، بل يعززها ويُعيد صياغتها في سياقات أوسع وأعمق.

للصورة دورٌ حيويّ في السياق الإعلامي، إلا أنه قد يعتريها ما يُضعفها أو يُخفف من بلاغتها أو يحدُّ من رسالتها وزخمها المرجوّ، كما قد تحمل بذور فهمٍ مُضاد غير مُراد، ليأتي دور الكتابة كأداة لاستكمال ما بدأ من الصورة، وتوجيه المتلقي نحو الفكرة وما وراء الصورة، ولا يعني هذا أن النص يتبعُ الصورة من خلال تكرار ما تراه العين، بل فرصة للكاتب من الاستنطاق وإعادة القراءة، وتحويل هذا المشهد إلى تجربة متعددة الأبعاد، حتى لا تكاد تعني الصورة شيئًا دون هذا النص المُصاحب، حيث القيم والمشاعر غير الظاهرة، ولذا يتعين على الكاتب التعامل مع الصورة بحساسية؛ لتفسيرها، لا لتكرارها.

من خلال توظيف الخيال يصبح الكاتب قادرًا على قراءة رموز الصورة وتفاصيلها، وفتح آفاق قد لا تبدو ظاهرة من المرة الأولى، آفاق من المشاعر والسياقات، ولحظات سابقة أو لاحقة، كما يشكل الخيال قوة محركة تُمَكِّن الكاتب من التصور والتنبؤ بما قد لا يظهر بوضوح، مما يساهم في إثراء النص بالمزيد من الأبعاد الدلالية.

تُمثل الكتابة للصورة حوارًا مستمرًا بين النص والإطار، ولا يعني مفهوم الكتابة للصورة سيطرة الكاتب على الصورة، بل قدرتهُ على منحها أبعادًا أخرى من خلال التوصيف، وهو من يُقدّر قيمة نَتَاج العدسة ويُعززها، يُنتج هذا التفاعل بين النص والصورة تجربة غنية تتجاوز حدود الصورة الثابتة، ليخلق تجربة تدعو المتلقي إلى التفكير والتأمل في صورٍ أخرى لم يُضف إليها عُنصر الكتابة.


شارك المقال